أخطر المعارك التى يخوضها صحفى، هى تلك التى يشتبك خلالها مع الذين يمارسون "الخيانة الناعمة" باعتبارهم جهلة يظهرون فى ثوب المثقف.. بعضهم يجيد "الفهلوة" فيلعب دور "الأراجوز" الذى تحركه أصابع أمنية!!
أتذكر أننى كتبت منذ سنوات تحقيقا صحفيا جعلت عنوانه "نقاد العلاقات العامة" وهم هؤلاء الذين تسللوا إلى ساحات النقد الأدبى.. كان هدفهم فرض أنفسهم كشعراء أو كتاب قصة قصيرة أو رواية.. تحصنوا بالساحات التى سيطروا عليها فى الصحف، دفاعا عن عجزهم الإبداعى.. بعضهم وضع عينه على الكتابة للسينما والمسرح، باعتبارهما "بساط الريح" الذى يحمل "النصاب" إلى سماء الشهرة والنجومية.. ويسمح له بارتياد البنوك!!
أتذكر – أيضا – أن الأستاذ "لينين الرملى" نصحنى بالتوقف عن خوض هذه المعركة، لأن هؤلاء أغبياء وقتلة.. ولعل صديقى المبدع الدكتور "رؤوف رشدى" يتذكر حوارات طويلة بيننا منذ أبرم صديقنا المشترك – لينين – عقد تلك الصداقة!! ووقتها تلقيت تحية من الأستاذ "رجاء النقاش" على التحقيق، مشفوعا بقوله: "لكننى أشفق عليك من هؤلاء"!!
بعد سنوات كتبت سلسلة مقالات عن "جنرالات الثقافة" وأطلقت عليهم "حضرات السادة ضباط الثقافة" وصدرت هذه السلسلة فى كتاب حمل العنوان نفسه، عن "الدار المصرية اللبنانية".. ولاحظت أن الكتاب تم "خنقه" لتموت فكرتى ورغبتى بمواجهة "ضباط الثقافة".. وسلمت أمرى لله مكتفيا أننى قلت كلمتى.. وظنى أن هذا هو الوقت – غير المناسب – الضرورى لكشف "المحللاتية" الذين يتقافزون على شاشات "الصهاينة العرب" لاغتيال أى محاولة شعور بالفخر بما حدث فى "طوفان الأقصى" وأحداثه المستمرة لما يقرب من عام!!
المتابع لهؤلاء "المحللاتية" سيجدهم يدورون حول مسألة "إعادة إحياء أنور السادات" باعتباره عبقرى زمانه.. يتجاهلون، بل يمارسون التعتيم على مذكرات الفريق "سعد الدين الشاذلى" كما يفعلون مع مذكرات الفريق "محمد فوزى".. ويصيبهم "الخرس" لمجرد ذكر عنوان "السلام الضائع" التى تركها لنا كوديعة لضمائرنا "محمد إبراهيم كامل" وزير الخارجية الفارس.. فضلا عن كل الدراسات التى أكدت أن السلام على الطريقة "الساداتية" جلب الخراب لكل المنطقة العربية، وترك مصر فى دوامات اقتصادية نعيش أخطرها خلال هذه المرحلة.. ويأخذك "المحللاتية" دائما إلى ادعاء بأن "عبد الناصر" هو السبب رغم رحيله منذ أكثر من نصف قرن!!
يمارس "المحللاتية" آلاعيبهم وهواية "الخيانة الناعمة" مقابل حياة لذيذة وأموال وفيرة بالنقد الأجنبى, سواء دولار أو درهم أو ريال.. ويطمئنهم التسلح بنفوذ "ماما أمريكا" وقوة "النفط" القادر على ردع من يتصدى لهم.. لكن "طوفان الأقصى" تجاوزت قدراته كل هذه الأسلحة الفتاكة.. يأخذهم الذهول مما تفعله "اليمن" فيركنون إلى السخرية منها.. يحاولون التضليل بزعم أن المقاومة تلعب دورا لحساب "إيران" فينفخون فى نار ماتت عن الصراع بين الشيعة والسنة.. يراهنون على إنجازاتهم فى تسطيح الوعى, وجعل كلمة "الوعى" مرادفا لكلمة "النفاق" للحاكم!! لأنهم أنفسهم الذين جعلوك لا تطيق سماع كلمات ذات معنى مهم أو محترم.. مثل الديمقراطية.. الشفافية.. المصداقية.. الحوكمة.. حتى جعلوك تخشى كلمة "الرقمنة".. ويحضونك على إشهار السلاح فى وجه "وسائل التواصل الاجتماعى" التى كشفت عوراتهم وخيانتهم الناعمة.. خاصة وأنها حركت ضمائر الدنيا من أقصاها لأقصاها.. ربما لأنهم يعلمون أن أعدى أعداء الجهل هو نور الحقيقة!!
كشف لنا "طوفان الأقصى" أن "المحللاتية" تكاثروا حتى تحولوا إلى "فرق" وكل فرقة تضم "كتائب" وكل كتيبة تتبعها أكثر من "سرية".. وذلك يفرض علينا أن نعترف بأن "ماما أمريكا" لا تكسب فى غير ميادين التآمر.. كما يجب أن نعترف بأن "الصهيونية" تترعرع إذا أمسكت بخيط ممارسة الخيانة على أنها وجهة نظر!! وهى تجيد توظيف أمثال "الشيخ فلان" و"البغبغان الاستراتيجى" ثم تعتبر "المحللاتية" أحد أسلحتها.. ستجدهم يقولون لك أن المقاومة جرت الخراب على "غزة" و"لبنان" و"اليمن".. ولا يخجلون من تجاهل ماكينات القتل العملاقة للنساء والأطفال والشيوخ.. يحاولون تعمية من يتابعهم عن أزمات الكيان الصهيونى التى لا يكف الإعلام الإسرائيلى عن تناولها.. يخدعونك بالقول أن "ماما أمريكا" تنعم فى جنة الديمقراطية لعلمهم أنك لا تتابع فضائح اشتباكات "ترامب" مع "كامالا هاريس" ونشر كليهما الأزمات التى تحيط بأكبر قوة – كما كانت – على وجه الكرة الأرضية!!
ينشط "فصيل المحللاتية" من "عيال أمريكا" لتنفيذ تعليمات صدرت لهم بإعادة "إحياء السادات" باعتباره عبقرية سياسية نجحت فى رفع رايات السلام – الاستسلام – منذ إعلانه أنه لا يقدر على محاربة أمريكا.. وهو قال ذلك فى وقت انتصار فيتنام على أمريكا.. وفى الوقت الذى نتابع خلاله إذلال "اليمن" لهذه القوة العظمى بشكل غير مباشر خلال سنوات صمودها فى وجه ما أسموه "التحالف العربى" بقيادة السعودية الذى انتهى بكسر إرادتها.. ثم أذلت "اليمن" بشكل مباشر تلك القوة العظمى ومن معها بمواجهة ما أسموه "تحالف أبلة ازدهار" الذى فشل فى فك الحصار عن ميناء "إيلات"، وتسبب الأمر فى خسارة فادحة لنا ظهرت عبر أرقام الدخل لقناة السويس!!
يحدثك المحللاتية" عن أن المقاومة عبارة عن أذرع لإيران، دون أن يحدثوك عن أن إسرائيل هى ذراع "ماما أمريكا" وكل عواصم الغرب.. يفرضون عليك تناسى أو فقدان الذاكرة تجاه نضال الشعب الفلسطينى، الذى يرجع لأكثر من 76 عاما.. وهم مكلفون بمهمة – فشلوا فيها بجدارة – هدفها تشويه صورة "سيد المقاومة" فى "لبنان" كما هم أبطال المقاومة فى فلسطين.. لأن كل "محللاتى" يطل علينا "محفلط.. مزفلط.. كتير الكلام.. بكام كلمة فاضية.. وكام اصطلاح.. يفبرك حلول المشاكل قوام" كما قال عمنا "أحمد فؤاد نجم", الذى "مرمط" بكرامة هؤلاء الأرض عندما قال عنهم: "يا واد يا يويو يا مبرراتى.. يا جبنة حادقة على فول حراتى".. وقال فيهم الشاعر "أحمد مطر" وغيره الكثير!!
انكشف أمر "المحللاتية" وقنواتهم الناطقة بلسان "عرب صهيون".. وانكشفت خيبتهم عندما حاولوا خداع أبصارنا بمهرجانات هنا وهناك.. لأن فصيل "شوال الرز" يملأ الدنيا أموالا وضجيجا.. وهم يعتقدون أننا أصبحنا نؤمن بحقنا فى الحريات الثلاث المسموح لنا بها, وهى حرية الأكل – إن وجدناه – وحرية الجنس – لمن يستطيع الباءة – وحرية متابعة وتشجيع كرة القدم.. ويحاولون إضافة الحرية الرابعة، بأن نتابع نجوم المرحلة من أمثال "بيكا" و"شاكوش".. وحياة "البلطجة" التى فتح لها الباب "محمد رمضان" الذى استخدموه فيما لا يفهم.. كما استخدموا إعلاميا مصريا – سابقا – واستخدموا "إعلامى الأمن المركزى" الذى أرفض ذكر اسمه "قرفا".. كما أرفض ذكر اسم من أطلق عليه الشعب المصرى اسم ووصف "محجوب عبد الدايم".. وكلهم محللاتية", ويقدمون لنا "محللاتية" من أمثال "عبده الاستراتيجى" وفريقه!!
-------------------------------
بقلم: نصر القفاص
(نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك)